كربوهيدرات بعد الرياضة: الكبد يشحن سريعاً والعضلات تتأخّر
ساندي بو يزبك

أخصائية تغذية

Friday, 19-Sep-2025 07:03

هل يكفي أن نتناول وجبة واحدة غنية بالكربوهيدرات لتعويض الطاقة بعد تمرينٍ مرهق؟ الأبحاث الحديثة تُجيب «لا»، لأنّ العضلات تحتاج وقتاً أطول بكثير من الكبد لتستعيد مخزونها من الجلايكوجين، حتى مع توفّر كمّيات كبيرة من الكربوهيدرات.

ماذا أظهرت الدراسات؟

في تجربة حديثة أجريت على 12 دراجاً مدرّباً، خضع المشاركون إلى تمرين قاسٍ استنزف مخزون الجلايكوجين، ثم أمضوا 12 ساعة في حالتَين: إمّا بالصيام مع الماء والشاي، أو بتناول جرعة عالية جداً من الكربوهيدرات (10 غرام لكل كلغ من وزن الجسم).

 

النتيجة كانت واضحة: الكبد أعاد ملء مخزونه بالكامل خلال 6 ساعات عند تناول الكربوهيدرات، بينما بقيَ مخزون العضلات أقل بحوالى 30% من الطبيعي حتى بعد مرور 12 ساعة. وتشير الحسابات إلى أنّ العضلات تحتاج بين 20-24 ساعة لاستعادة كامل طاقتها، خصوصاً إذا لم تُدعّم بتغذية متكرّرة.

 

لماذا يختلف التعافي بين الكبد والعضلات؟

 

الفرق يعود إلى آلية التعامل مع الكربوهيدرات:

 

الكبد يعمل مثل محطة وقود متعدّدة المداخل. يستطيع امتصاص أكثر من نوع من السكّريات عبر مسارات مختلفة، ممّا يُسرّع إعادة تعبئة مخزونه من الجلايكوجين.

 

العضلات تشبه سيارة بمدخل وقود واحد تقريباً. فهي تعتمد أساساً على الغلوكوز، وتحتاج إلى ناقل خاص (GLUT4) لإدخاله إلى داخل الخلية، مع اعتمادها على نشاط إنزيم glycogen synthase. هذا يجعل العملية أبطأ وأكثر تدريجية، حتى مع توفّر الكربوهيدرات بكثرة.

 

ماذا يعني ذلك عملياً؟

 

تناول الكربوهيدرات مباشرةً بعد التمرين يظل أساسياً، لأنّه يُسرّع إعادة ملء مخزون الكبد ويدعم بداية استشفاء العضلات. لا تكفي وجبة واحدة، بل يجب توزيع الكربوهيدرات على مدار اليوم للوصول إلى الكمّية الكافية، خصوصاً إذا كان هناك تمرين جديد أو منافسة في اليوم التالي.

 

التوصّيات الحديثة توصي بتناول 1,0-1,2 غ كربوهيدرات لكل كلغ من وزن الجسم في الساعة الأولى بعد التمرين، والاستمرار بتزويد الجسم بالكربوهيدرات على مدار اليوم (حتى 6–10 غ/كلغ/يوم بحسب شدّة التدريب). وإضافة 20-30 غ بروتين مع الكربوهيدرات يعزّز إصلاح الأنسجة العضلية ويُسرّع إعادة التعبئة.

 

الترطيب واستعادة الأملاح (الصوديوم، البوتاسيوم) لا يقلّان أهمّية عن الكربوهيدرات، لأنّ فقدان السوائل بالتعرق قد يُعيق كفاءة الاستشفاء.

 

مثال تطبيقي: رياضي وزنه 70 كلغ أنهى تمريناً شاقاً. في الساعة الأولى يمكنه تناول وجبة تحتوي على 70-80 غ من الكربوهيدرات مع 20 ع بروتين، مثل ساندويش من خبز القمح الكامل مع صدر دجاج وكوب عصير برتقال طبيعي.

 

بعد ساعتَين أو 3، يمكنه تناول وجبة أخرى متوازنة مثل الأرز مع الخضار واللحم المشوي وفاكهة طازجة مثل موز أو كيوي.

 

بهذه الطريقة، يُعيد الكبد تعبئته سريعاً، بينما تحصل العضلات على تغذية متكرّرة تدعم استشفاءها التدريجي خلال اليوم.

الأكثر قراءة